/ الفَائِدَةُ : (24) /

27/10/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / الآيات الإِلٰهيَّة على ضربين / إِنَّ الآيات الإِلٰهيَّة تارة تكون صامتة ، وأُخْرَى ناطقة . وإِلَى النَّحْو الْأَوَّل تُشِير بيانات الوحي ، منها : بيان قوله (عظمت آلاؤه) : [وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ](1). وإِلَى النَّحْو الثَّانِي تُشِير بياناته الْأُخْرَى ، منها : بيان قوله تعالىٰ ذكره : [إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ](2). بتقريب : أَنَّ الآيات الإِلٰهيَّة على نمطين : أَحدهما : ناطقة. الآخر : صامتة. والنَّمط الثَّاني حيث ليست لها دعوىٰ وادّعاء فلا يتَّصَف المؤمن بها بـ : (التَّصديق بها) ، ومنكرها بـ : (التَّكذيب بها) ، وإِنَّما يتَّصف بـ : (الإِيمان والإِعتبار بها) ، و (الكفر والجحود بها والإِعراض عنها). فانظر : بيانات الوحي ، منها : بيان قوله علا ذكره : [اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ* وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ](3). بخلاف النَّمَط الأَوَّل ؛ حيث إِنَّ لها دعوىٰ وادِّعاء صحَّ إِتِّصاف مَنْ يُؤمن بها بـ : (التَّصديق بها) ، ومَنْ لا يُؤمن بها بـ : (التَّكذيب بها)(4). وهذا النَّمَط من الآيات الإِلٰهيَّة يتمثل في مخلوقات الله المكرمة ؛ رأس هرمها طبقات حقائق أَهْل الْبَيْتِ الأَطهار صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة وتتبعها طبقات حقائقهم المتوسطة والنازلة . والى هذا تشير بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ... والدَّليل على أَنَّ هذا في الرَّجعة قوله عزَّوجلَّ : [وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ](5) قال : الآيات أَمير المؤمنين والأَئمَّة عَلَيْهِم السَّلاَمُ ...» (6). وهذا برهان وحيانيٌّ دالٌّ بإِطلاق منطوقه : أَنَّ تحصيل التَّوحيد والإِيمان الحقّ ، والمعارف الحقَّة ، وقبول التَّوبة ، ونيل الحُظوَة والحبوة الإِلٰهيَّة ، والقرب إِليه (سبحانه وتعالىٰ) لا يكون إِلَّا بالتَّشَفُّع بالوسيلة والآيات الإِلٰهيَّة النَّاطقة ؛ وسائر مرادفاتها الإِلٰهيَّة العقليَّة المنصوبة من قِبَل الباري (تبارك اسمه) ؛ طبقات حقائق أَهْل الْبَيْتِ الأَطهار صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة ، وحصر العروج والوصول إِلى السَّاحة الإِلٰهيَّة المُقدَّسة بها. ودالٌّ بمفهومه : أَنَّ التَّوسُّل والتَّشَفُّع بالوسائط غير المجعولة ؛ وغير المنصوبة مِنْ قِبَلِ اللّٰـه (تبارك وتعالىٰ) حوالة على مُفلِّس ؛ تورِث مَنْ تَمَسَّكَ بها : شرك ووثنيَّة ، وضلال وانحراف ، وعبادة لغير اللّٰـه تعالىٰ ، وظنون فاسدة ، وتوهمات كاذبة تمليها عليهم أَنفسهم وتوهمهم الحقيقة ، لكنَّ واقعها [كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ](7). وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) القمر : 2 . (2) الأعراف : 40. (3) القمر : 1 ـ 2. (4) هذه نُكْتَةٌ معرفيَّة مهمَّة جِدّاً يَجْدُرُ الْاِلْتِفَات إِليها. ومنه يُعلم : أَنَّ كُلَّ لبنةٍ وخطوةٍ ولفظةٍ واردة في بيانات الوحي : معادلة مجهريَّة ضخمة ورهيبة جِدّاً. (5) النمل : 83 ـ 84. (6) مختصر البصائر : 152/ح118 ـ 18. (7) النور : 39